منذ سنين بعيدة؛ انشغل علماء النفس وعلماء التربية بقضية الطفولة، لاسيما الطفولة الناضجة، وتساءلوا:
كيف نصنع الأطفال المبدعين في المجتمع؟
أو بمعنى آخر: كيف نخلق حاسة الإبداع عند الأطفال؟
وتوصلوا إلى أنه لابد من الاهتمام بمسألة الوعي الجمالي عند الأطفال، باعتبار أن الوعي الجمالي هو النمو المتزايد نحو الاكتشاف الدائم عن الوحدة في الاختلاف، في المتناقضات، في المتعارضات.. كذلك هو المقترح لمجموعات متنوعة من الحلول أمام العقل الذي يختار في الأغلب أحد الحلول.. فإنه يغرس بذلك احترام الرأي الآخر ومعتقداته، ويبتعد هذا الوعي الجمالي عن التعصب والتشدد، وكذلك يجعل هذا الوعي الجمالي صاحبه يبحث دائمًا عن زوايا جديدة للرؤية فيجتنب الجمود، وأيضًا يحرض العقل على فتح جوانب متعددة من التفكير فيتحرر من أحادية النظر العقلية التي تعوق التقدم، وتغلق طريق التبادل والحوار الإنساني على أرض يملؤها الاحترام والفهم المتبادل.. وأيضًا التسامح والتقدير.
واهتم علماء التربية -على وجه الخصوص- بعمل برامج توعية من شأنها أن تسهم في زرع العقلية الإبداعية، ووضعوا لها التصورات التالية:
- تنمية حب الاستطلاع عند الطفل: إن حب الاستطلاع والثقة بالنفس، والإبداع تتفاعل مع بعضها، ذلك أنه بقدر ما لديهم من حب الاستطلاع يكون لديهم تقدير لأنفسهم وبالتالي يكون لديهم رغبة في الاستمرار بالعمل المبدع وتكوين خبرة فنية بمحيطهم، ويطورون كفاءات مناسبة، ويتفاعلون بشكل جيد مع عالمهم الخارجي مما يزيد من تطوير ثقتهم بأنفسهم أيضًا ويكون تقديرهم لذواتهم عاليًا، الأمر الذي يسهم في تطوير قدراتهم الإبداعية.
- تحرير الأطفال من الخوف والخطأ: لأنه مما يعيق الأصالة، وإن التأكيد على الممارسات التي نتعلم عن طريقها من الأخطاء التي نقع فيها تشجع محاولات القيام باللعب بالإمكانيات التي هي جزء أساسي في عملية الإبداع، لذا فإن الاتجاه الهادئ والمتسامح تجاه الأخطاء الأولية التي تقيّم فيما بعد، وترفض من زاوية ما لكونها غير ملائمة تشجع التجريب بالإمكانات البديلة وهذا الأمر جزء من النتاج الإبداعي.
- تشجيع التخيل بالإضافة إلى النظرة الواقعية للأمور: إن التشديد على أن يكون التفكير مرتبطًا بالواقع يمكن أن يثبط من عملية التجريب للاحتمالات الغريبة التي هي على الأغلب مفيدة، إلا أن تشجيع التحرك الحر من الخيال إلى الحقيقة والمزج بين الآراء الغريبة والتقويم الناقد من الأهمية بمكان العمل على تشجيعها.
- تشجيع اختلاط الطفل بالأشخاص المبدعين: إن المستويات العليا من الإبداع تتطلب أن يتقبل الآخرون الأفكار والأعمال غير المألوفة ولن يقدر ذلك سوى الأشخاص المبدعين وغير التقليديين.. فالطفل قد يسعى إلى تشبيه نفسه بنماذج أكبر منه سنا عند الفشل في بعض محاولاته فالقدوة والجو العام الإيجابي قد يكون سببا في تطوير الإبداع.
- تشجيع الاختلاف والتفرد: إن تشجيع الاختلاف في الرأي والعمل على التجريب، وإعطاء الفرد إحساسا بتفرده أمور مرغوب بها.
- تشجيع المبادرات الفردية: إن توفير أكبر قسط من الفرص للدراسة الفردية والسماح لكل متعلم بأن يتقدم حسب قدراته، وتوفير جو من المرونة في المختبر، والخبرات الميدانية كلها عوامل تشجع على تطوير العوامل الرئيسية للنشاطات الإبداعية.
- تجنب قولبة الشخص ذي القدرة الإبداعية حتى لا تطمر بوادر الإبداع عنده.